بين النص الإصلاحي والتطبيق الميداني: جدلية فتح ماستر التميز في علم النفس الإكلينيكي والمرضي

 


يعيش طلبة إجازة التميز في علم النفس الإكلينيكي والمرضي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمرتيل التابعة لجامعة عبد المالك السعدي، حالة من الترقب والانتظار بسبب تضارب الأنباء المتعلقة بفتح ماستر التميز في علم النفس الإكلينيكي والمرضي خلال الموسم الجامعي 2025-2026. فبينما تشير المذكرة الوزارية إلى أن الإصلاح البيداغوجي الجديد (PACTE ESRI 2030) يمنح خريجي إجازة التميز إمكانية الولوج المباشر إلى ماستر التميز في نفس التخصص دون مباراة، فإن الواقع الميداني داخل بعض الكليات لا يزال يشهد غيابا للتفعيل العملي لهذا المبدأ. ويطرح هذا الوضع أسئلة جوهرية حول مدى اتساق الرؤية الإصلاحية الوطنية مع قدرة المؤسسات الجامعية على تنفيذها في آجالها المحددة.


وفقا لمصدر موثوق داخل الكلية، فإن مشروع فتح ماستر التميز في علم النفس الإكلينيكي والمرضي موجود فعلا ضمن المخطط البيداغوجي للمؤسسة، إلا أن عملية فتحه مؤجلة لأسباب تتعلق بإجراءات الاعتماد والمصادقة. ويؤكد المصدر ذاته أن الملف قيد الدراسة في انتظار الضوء الأخضر من الجهات الوصية على التعليم العالي، في إطار تفعيل الإصلاح الجديد الذي يعيد هيكلة المسارات الجامعية على أساس التكامل بين الإجازة والماستر والدكتوراه.


من الناحية النظرية، ينصّ نظام PACTE ESRI 2030 على مبدأ الاستمرارية الأكاديمية داخل نفس التخصص، حيث يفترض أن يتمكن الطالب الحاصل على إجازة التميز من متابعة تكوينه في ماستر التميز مباشرة، دون المرور بمساطر الانتقاء التقليدية. غير أن هذا الانتقال مرهون بقرار الكلية بفتح الماستر فعليا، وهو قرار يتأثر بعوامل موضوعية، أبرزها محدودية الموارد البشرية، والحاجة إلى ضمان جودة التكوين والتأطير، بالإضافة إلى تأخر صدور النصوص التنظيمية التي تحدد بدقة كيفية تطبيق النظام الجديد.


ويلاحظ أن هذا التفاوت بين النص الإصلاحي والتنفيذ الميداني يعكس، في العمق، التحديات التي تواجه الجامعة المغربية في مرحلة الانتقال من النظام القديم إلى نظام المسارات المهيكلة. فبينما يراهن الإصلاح الجديد على جعل المسارات الدراسية أكثر مرونة واستمرارية، ما تزال بعض المؤسسات تحتاج إلى وقت لتكييف بنيتها البيداغوجية والإدارية مع هذه المستجدات.


ويؤكد مصدر موثوق داخل الكلية أن تأجيل فتح ماستر التميز لا يعني بأي حال من الأحوال إلغاءه، بل إن المسألة تتعلق فقط بعامل الزمن واستكمال الإجراءات الإدارية والتربوية اللازمة. فالمشروع ما يزال قائما ضمن الخطة البيداغوجية للمؤسسة، وينتظر تفعيله فور صدور الموافقة الرسمية النهائية. ويرى المصدر ذاته أن هذا التأجيل يدخل في إطار عملية الانتقال التدريجي نحو النظام الجديد، الذي يتطلب وقتا للتأقلم مع هيكلته الحديثة وضمان توفر شروط الجودة والتأطير الأكاديمي، مؤكدا أن الحديث عن التأجيل ينبغي فهمه في سياق تنظيمي مؤقت، وليس كقرار إلغاء أو تراجع عن مبدأ فتح ماستر التميز في علم النفس الإكلينيكي والمرضي.


في ضوء هذه المعطيات، يتضح أن الجدل القائم حول ماستر التميز في علم النفس الإكلينيكي والمرضي لا يعكس غياب رؤية واضحة بقدر ما يعكس بطء الانتقال من النص إلى الفعل. فالإصلاح البيداغوجي الجديد وضع الإطار العام، لكن تنزيله العملي يتطلب تنسيقا مؤسساتيا وإداريا متدرجا. ويظل الأمل معقودا على أن يتم فتح هذا الماستر في أقرب الآجال، حتى يتمكن طلبة علم النفس من استكمال مسارهم الأكاديمي ضمن فلسفة التميز التي دعا إليها مشروع PACTE ESRI 2030، والتي تروم تعزيز الجودة والإنصاف والاستمرارية في التكوين الجامعي بالمغرب.


تنويه ختامي:


حرصا على ضمان الحصول على المعلومات الدقيقة والموثوقة بخصوص كل المستجدات المرتبطة بفتح مسالك الماستر، وباقي الإجراءات البيداغوجية المعتمدة في إطار الإصلاح الجديد، يستحسن أن يحرص الطلبة بزيارة الموقع الرسمي للكلية بشكل منتظم. فالموقع يعد المصدر الرسمي الأول لأي إعلان أو قرار إداري جديد، سواء تعلق الأمر بفتح المسالك أو مواعيد التسجيل أو النصوص التنظيمية المرافقة لنظام PACTE ESRI 2030. إن الاطلاع المستمر على البلاغات الرسمية يضمن للطلبة متابعة دقيقة لمسار الإصلاح دون الوقوع في تضارب المعلومات أو الأخبار غير المؤكدة.



المصطفى توفيق 

14 نونبر 2025