في ظل تنوع وتعدد برامج الماستر في الجامعات المغربية، يواجه العديد من الطلبة صعوبة في التمييز بين المسالك المختلفة، خاصة بين الماستر الوطني، الماستر الجامعي، وماستر التميز. رغم أن هذه المسالك تشترك في كونها مرحلة دراسات عليا بعد الإجازة، إلا أنها تختلف من حيث الاعتراف الرسمي، شروط الولوج، طبيعة التكوين، وكذا آفاقها الأكاديمية والمهنية. إليكم قراءة مبسطة لهذه الأنواع الثلاثة من التكوين.
الماستر الوطني: تكوين أكاديمي معتمد
يعد الماستر الوطني أحد المسالك الرسمية المعتمدة من طرف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ويخضع لضوابط بيداغوجية موحدة على مستوى الوطن. يتم الولوج إليه بعد النجاح في مباراة كتابية وأحيانا مقابلة شفوية، ويشترط أن يكون الطالب حاصلا على الإجازة الأساسية وبمعدل يؤهله للمنافسة.
يتميز هذا التكوين بكونه مجانيا في الجامعات العمومية، ويمنح شهادة معترف بها وطنيا ودوليا، مما يتيح لحامله إمكانية استكمال الدراسة في سلك الدكتوراه أو الترشح لمباريات التعليم والتوظيف في القطاع العمومي.
الماستر الجامعي: تكوين تطبيقي داخل الجامعة
الماستر الجامعي، ويعرف أحيانا بـ"الماستر المؤدى عنه"، هو برنامج تطرحه الجامعة في إطار استقلالها البيداغوجي، لكنه لا يخضع لاعتماد وطني من الوزارة، بل يكتفي باعتماد داخلي من المؤسسة الجامعية المعنية. غالبا ما يستهدف هذا النوع من التكوين المهنيين، الموظفين، أو الطلبة الراغبين في تعزيز مهاراتهم التطبيقية.
الولوج إلى هذا المسلك يكون غالبا بناء على دراسة الملفات واجتياز مقابلة بسيطة. وتختلف رسومه حسب كل جامعة، وقد تصل إلى 30,000 درهم سنويا أو أكثر. ورغم أن حامله يحصل على دبلوم جامعي، إلا أن هذا الأخير لا يتيح دائما متابعة الدراسة في الدكتوراه، ويعتبر أكثر نفعا على المستوى المهني منه على المستوى الأكاديمي.
ماستر التميز: النخبة الأكاديمية
ماستر التميز هو صيغة راقية ضمن الماستر الوطني، موجهة حصريا للطلبة المتفوقين ذوي المسارات الدراسية الممتازة. يتمتع هذا التكوين بنفس الاعتراف الرسمي الذي يحظى به الماستر الوطني، لكنه يختلف من حيث الجودة والمستوى، إذ يجمع بين التكوين النظري المتقدم والتدريب المكثف على البحث العلمي.
يشترط للالتحاق به أن يكون الطالب من بين الأوائل، وغالبا ما يتم انتقاؤه وفق معايير دقيقة. يشرف عليه أساتذة باحثون متخصصون، وينجز أحيانا في إطار شراكات مع مؤسسات دولية، مما يفتح آفاقا واسعة نحو الدكتوراه أو العمل في مراكز بحث ومناصب علمية متقدمة.
من بين مميزاته أيضا، أنه يوفر فرصا للحصول على منح أو المشاركة في مؤتمرات علمية، ما يجعله خيارا مثاليا لمن يرغب في التميز الأكاديمي والولوج إلى مجال البحث العلمي عالي المستوى.
مقارنة موجزة:
يتميّز الماستر الوطني بكونه تكوينا معتمدا من طرف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، يتم الولوج إليه عبر مباراة تنافسية تشمل اختبارات كتابية وأحيانا مقابلة شفوية، وهو مجاني ويمنح شهادة تخول لحاملها متابعة الدراسة في سلك الدكتوراه أو اجتياز مباريات الوظيفة العمومية. في المقابل، يعد الماستر الجامعي برنامجا مؤدى عنه تنظمه الجامعة بشكل مستقل دون اعتماد وطني، ويفتح غالبا في وجه المهنيين أو الموظفين، حيث يتم القبول فيه بناء على دراسة الملف واجتياز مقابلة بسيطة، لكن آفاقه الأكاديمية محدودة، إذ لا يتيح غالبا متابعة الدكتوراه. أما ماستر التميز، فهو شكل متقدم من الماستر الوطني، موجه للطلبة المتفوقين ضمن الأوائل، ويتميز بانتقاء صارم، وتكوين أكاديمي عميق يشرف عليه أساتذة باحثون، مع فرص للمشاركة في البحث العلمي والندوات الدولية، مما يجعله مسارا مثاليا نحو الدكتوراه ومجالات البحث المتقدمة.
في الختام، اختيار نوع الماستر يجب أن ينبني على مشروع الطالب الأكاديمي أو المهني. فإذا كنت تسعى لمواصلة البحث والدراسة في سلك الدكتوراه، فإن الماستر الوطني أو ماستر التميز هما الخيار الأفضل. أما إذا كنت تطمح لتطوير مهاراتك المهنية بسرعة، فالماستر الجامعي قد يكون مناسبا، شرط التأكد من شروطه وآفاقه.
وقبل اتخاذ أي قرار، من الضروري الاطلاع على تفاصيل البرنامج، نوعية التكوين، طبيعة الدبلوم، وفرص ما بعد التخرج. فلكل مسلك خصوصيته، لكن يبقى الطموح والإصرار هما مفتاح النجاح الحقيقي، مهما كان المسار الذي تختاره.