يشهد مجال علم النفس الإكلينيكي والمرضي اهتماما متزايدا داخل الساحة الأكاديمية بالمغرب، سواء لدى الطلبة أو الباحثين أو العاملين في مجالات الرعاية النفسية. ويعد هذا التخصص من بين التكوينات ذات المتطلبات الدقيقة نظرا لارتباطه المباشر بالصحة النفسية، ولحاجته إلى تأطير علمي ومهني متطور. ومع ذلك، يلاحظ أن الإعلان عن فتح ماستر التميز في علم النفس الإكلينيكي والمرضي داخل بعض المؤسسات الجامعية لم يتحقق، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل عن العوامل الموضوعية التي تجعل هذا التكوين غير معلن عنه إلى حدود الساعة (7 دجنبر 2025). يهدف هذا المقال إلى تقديم قراءة محايدة لهذه المحددات، وفق ما تسمح به الضوابط المؤسسية والتنظيمية الجاري بها العمل.
1. الإطار التنظيمي لاعتماد التكوينات على المستوى الوطني
تعتمد الجامعات المغربية في فتح مسالك الماستر على مسار دقيق يخضع لمصادقة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار. ويقتضي هذا المسار تقديم ملف بيداغوجي متكامل يستجيب لمعايير الجودة المعمول بها. وفي بعض الأحيان، قد تتطلب بعض التكوينات، خصوصا ذات الطبيعة التطبيقية مثل علم النفس الإكلينيكي والمرضي، شروطا إضافية تتعلق بالتجهيزات والتأطير والممارسة الميدانية. وفي حال عدم استيفاء هذه الشروط، يتم إرجاء الإعلان عن فتح التكوين إلى حين استكمال المتطلبات.
2. توفر الموارد البشرية ذات الاختصاص الدقيق
يعد وجود فريق بيداغوجي متخصص في علم النفس الإكلينيكي والمرضي أحد أهم المرتكزات التي تعتمد في تقييم فتح أي مسلك من هذا النوع. وفي حال عدم توفر العدد الكافي من الأطر المختصة داخل مؤسسة ما، يصبح فتح التكوين غير ممكن من الناحية التنظيمية.
3. المتطلبات التطبيقية والمحيط المهني للتكوين
تفرض طبيعة التكوين في علم النفس الإكلينيكي والمرضي توفير فضاءات تدريبية تمكن الطلبة من اكتساب مهارات ميدانية تحت إشراف متخصصين. ويحتاج ذلك إلى اتفاقيات شراكة مع مؤسسات صحية وتقويمية معتمدة. وفي حال غياب هذه الشراكات أو عدم جاهزيتها، تتجنب المؤسسات الجامعية الإعلان عن فتح تكوينات قد لا تتوفر فيها الظروف الملائمة للتطبيق العملي.
4. الإمكانيات اللوجيستيكية والمالية المرتبطة بالتكوين
يستلزم تكوين من فئة "التميز" موارد إضافية تشمل القاعات المجهزة، خدمات التأطير، البنيات الداعمة للبحث العلمي، والقدرة على استيعاب عدد مناسب من الطلبة. وقد يؤدي عدم توفر هذه الموارد أو وجود أولويات مؤسساتية أخرى إلى تأجيل فتح التكوين إلى دورات لاحقة.
5. توجهات الإصلاح البيداغوجي الحالي
في إطار تنزيل الإصلاح البيداغوجي الجديد الذي يعتمد نظام (LP – MA – DR)، يتم التركيز على ضمان ملاءمة التكوينات مع حاجيات المجتمع وسوق العمل، وعلى الوفاء بمعايير الجودة الوطنية. وقد تترتب عن هذا الإصلاح إعادة ترتيب أولويات التكوينات، مما يجعل بعض التكوينات الحساسة أو التطبيقية مؤجلة إلى حين التحقق من جميع شروط الاستفادة منها بالشكل الأمثل.
6. ضمان جودة التكوين ومسؤولية التأطير الأكاديمي
تسعى الجامعات إلى ضمان تكوين ينسجم مع المعايير الأكاديمية والأخلاقية المتعارف عليها دوليا، لاسيما في التكوينات المرتبطة بالصحة النفسية. وبناء على ذلك، يتخذ قرار الإعلان عن فتح مسلك من عدمه بناء على تقييم شامل يهدف إلى الحفاظ على جودة التكوين وحماية المصلحة التعليمية والمهنية للطلبة.
في الختام، إن عدم الإعلان عن فتح ماستر التميز في علم النفس الإكلينيكي والمرضي للموسم الجامعي 2025-2026 لا يعكس بالضرورة إلغاء المشروع أو غياب الاهتمام به، بقدر ما يرتبط بمجموعة من الاعتبارات التنظيمية والبيداغوجية واللوجيستيكية التي تستلزم توفر شروط دقيقة لضمان جودة التكوين واستجابة لمتطلبات الممارسة المهنية. وسيظل فتح هذا التكوين رهينا باستكمال الضوابط المعتمدة، بما يضمن شروطا أكاديمية ومهنية متكاملة تلبي حاجات الطلبة والمجتمع على حد سواء.
تنويه مهم:
يبقى الموقع الرسمي للكلية والقنوات الرسمية التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار المصدر الوحيد الموثوق لمعرفة قرار فتح أو عدم فتح أي مسلك للماستر، بما في ذلك ماستر التميز في علم النفس الإكلينيكي والمرضي. وينصح الطلبة والمهتمون بالمجال السيكولوجي بالاعتماد على البلاغات الرسمية بدلا من الاجتهادات الشخصية أو التأويلات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، تجنبا لانتشار المعلومات غير الدقيقة وتعزيزا لثقافة التحقق والمصداقية.
7 دجنبر 2025