مع اقتراب نهاية السنة الجامعية 2024-2025، يعيش العديد من الطلبة الحاصلين على شهادة الإجازة في علم النفس، سواء عبر المسلك العادي أو مسلك التميز في علم النفس الإكلينيكي والمرضي، حالة من الترقب والانتظار المشوب بالأمل بشأن التسجيل في سلك الماستر. فرغم الجهود التي بذلها الطلبة طيلة سنوات الدراسة الجامعية، والتي توجت بحصولهم على شهادة الإجازة، يبقى أفق الماستر هو الحلم الأكبر بالنسبة لفئة واسعة منهم، خاصة أولئك الذين يتطلعون إلى التخصص في المجال النفسي بشكل أكثر عمقا ومهنية.
إن نهاية السنة الجامعية لم تعد تفصلنا عنها سوى ظهور النتائج النهائية، وهو ما يجعل الطلبة يعيشون لحظة مفصلية في مسارهم الأكاديمي، يتأرجحون فيها بين فرحة التخرج وتحديات المرحلة المقبلة، المتمثلة في اجتياز مباريات الولوج إلى أسلاك الماستر، التي أصبحت أكثر تنافسية ومرتبطة بمعايير دقيقة سواء من حيث المعدلات، أو الملفات العلمية، أو المشاريع الشخصية.
وتعد شعبتا "علم النفس العام" و"علم النفس الإكلينيكي والمرضي" من بين المسالك التي تعرف إقبالا كبيرا من طرف الطلبة، بالنظر إلى طموحهم في مواصلة التكوين المهني والأكاديمي والتخصص في مجالات دقيقة مثل العلاج النفسي، التشخيص، المواكبة النفسية، أو حتى البحث العلمي في قضايا الصحة النفسية. وتكتسي هذه الرغبة أهمية خاصة في ظل تزايد الحاجة المجتمعية إلى مختصين في الصحة النفسية، خصوصا بعد التحديات النفسية والاجتماعية التي أفرزتها التحولات الراهنة.
وفي هذا الصدد تقول أمل.ز، خريجة مسلك علم النفس بجامعة الرباط:
"اجتزنا ثلاث سنوات من الدراسة بتعب وشغف، وها نحن اليوم ننتظر فتح مباريات الماستر لنتمكن من مواصلة التكوين الذي نطمح إليه، لأن هدفنا ليس فقط الحصول على شهادة، بل أن نصبح فاعلين في خدمة المجتمع."
من جانبه، يؤكد الأستاذ ع.غ، أستاذ علم النفس بجامعة الحسن الثاني، أن:
"رغبة الطلبة في متابعة الدراسة بسلك الماستر مشروعة وواقعية، بل هي ضرورية لتأهيل أخصائيين نفسيين يستجيبون لحاجيات العصر. لكن المطلوب اليوم هو توفير عدد أكبر من المقاعد البيداغوجية وتوسيع التكوينات ذات الصلة بالصحة النفسية."
غير أن محدودية عدد الماسترات المفتوحة، وشروط الانتقاء الأولي، ومحدودية المقاعد، تشكل جميعها عوائق حقيقية أمام عدد كبير من الطلبة، الذين يجدون أنفسهم في مواجهة واقع لا يعكس دائما طموحاتهم أو مجهوداتهم. تقول الطالبة سناء.م من جامعة فاس:
"نخشى أن تضيع سنوات من الاجتهاد بسبب قلة المقاعد. حلمي أن أتابع ماستر في علم النفس الإكلينيكي لأكون أخصائية نفسية، لكن الخوف من الإقصاء دون مبرر يؤرقني."
من هنا تبرز الحاجة إلى توسيع العرض البيداغوجي وفتح تخصصات جديدة في علم النفس تستجيب لحاجيات الطلبة وسوق الشغل على حد سواء، وذلك ضمن رؤية شاملة لإصلاح التعليم العالي وتشجيع البحث العلمي التطبيقي في المجال النفسي.
ويخلص الأستاذ م.م، أستاذ علم النفس بجامعة مراكش، إلى أن:
"الطلبة اليوم واعون بأهمية التخصص، ويجب أن تواكبهم المؤسسات الجامعية عبر سياسة تعليمية منفتحة، تراعي الكفاءة وتوفر الدعم في مختلف المسارات."
تقول ق.سميرة الطالبة الباحثة في علم النفس من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء: "يحذونا شغف حقيقي بالنجاح ومواصلة التكوين في سلك الماستر، لما يمثله من امتداد طبيعي لمسارنا الجامعي. غير أن قلة المقاعد المتاحة تلقي بظلال من القلق، وهو ما يجعلنا نأمل في آليات انتقاء تراعي مبدأ تكافؤ الفرص وتعزز حضور الكفاءات الجادة والطموحة"
إن المرحلة الحالية، رغم ما تحمله من صبر وأمل للطلبة، تظل أيضا لحظة تأمل وتقييم ذاتي، وفرصة لإعداد ملفات ترشيح قوية، واستحضار التجارب الميدانية والمشاريع الشخصية التي يمكن أن تعزز حظوظهم في ولوج التكوينات المرغوبة.
وفي انتظار انطلاق مباريات الماستر للموسم الجامعي 2025-2026، يبقى الأمل قائما لدى المئات من الطلبة في أن يفتح لهم باب الاستمرار الأكاديمي، وأن ينجحوا في الانتقال من الإجازة إلى التخصص، ليصبحوا فاعلين مؤثرين في مجتمعهم من موقعهم كأخصائيين نفسيين أكفاء ومؤهلين.