في إطار الاهتمام المتزايد بالصحة الإنجابية وتعزيز الوعي بأدوار الأم في بناء مجتمع سليم، انطلقت الحملة التحسيسية والتوعوية بأهمية الرضاعة الطبيعية والرضاعة المبكرة الممتدة من 20 أكتوبر إلى 20 نونبر 2025. وهذه الحملة تأتي لتسليط الضوء على الأثر العميق للرضاعة الطبيعية في النمو الجسدي والنفسي للطفل، ولتشجيع الأمهات على اعتمادها باعتبارها اللبنة الأولى في تأسيس علاقة تعلق آمنة بين الأم ورضيعها.
وفي هذا السياق، نظمت محاضرة تحت عنوان "الأمومة – الرضاعة الطبيعية والمبكرة – التعلق" بدار الفتاة بمدينة ابن أحمد، حيث شهدت حضورا متنوعا جمع ممثلين عن المجتمع المدني، وفاعلين في التنمية البشرية، ومهتمين بعلم النفس، إلى جانب الأمهات والفتيات المستفيدات من خدمات الدار.
أهمية المحاضرة ومحاورها
ركزت المحاضرة على ثلاثة محاور أساسية:
1. الأمومة: إبراز دور الأم كحاضنة أولى للطفل، وقدرتها على توفير بيئة آمنة تحفّز على النمو السليم.
2. الرضاعة الطبيعية والمبكرة: تقديم معطيات علمية حول فوائد الرضاعة المباشرة بعد الولادة، وأثرها في تقوية الجهاز المناعي للرضيع، وتقليل مخاطر الأمراض، إضافة إلى فوائدها النفسية للأم.
3. التعلق: من منظور علم النفس، تم التركيز على مفهوم التعلق الآمن، وهو العلاقة الأولى التي تُبنى بين الأم والطفل والتي تؤثر على شخصيته وتوازنه النفسي في المستقبل.
المنظمون والفاعلون
ساهم في إنجاح هذا اللقاء التحسيسي مجموعة من الفاعلين الذين كانوا في صلب العملية التنظيمية والتوجيهية:
عزيز آيت بوغاز – رئيس جمعية دار الفتاة بإبن أحمد، الذي وفّر الفضاء المناسب وحرص على تشجيع الفتيات والأمهات على حضور هذه المبادرة المهمة.
فاطمة بزار – رئيسة جمعية أنامل للصناعة التقليدية، التي دعمت النشاط وشاركت في توفير الظروف اللوجستيكية لإنجاحه.
محمد الماموني – رئيس جمعية دار الأمومة بأولاد أمراح، والذي قدم تجربته الميدانية في مرافقة الأمهات خلال مرحلة ما قبل وما بعد الولادة.
عبد الإله السلايعي – رئيس مكتب التربية والتكوين بمصلحة التنمية البشرية، الذي أبرز أهمية المقاربة التوعوية في تعزيز صحة الأم والطفل داخل برامج التنمية البشرية.
محمد پاني – طالب باحث في علم النفس، الذي قدم شرحا علميا مبسطا حول علاقة الرضاعة الطبيعية بالتعلق النفسي السليم لدى الطفل.
أثر الحملة على الوعي المجتمعي
ساهمت هذه المبادرة في تعزيز الوعي لدى الفتيات والأمهات حول الدور الحيوي للرضاعة الطبيعية، كما فتحت نقاشا مهما حول كيفية دعم المرأة خلال هذه المرحلة الحساسة. وقد لاقت المحاضرة تفاعلا إيجابيًا من الحاضرات، اللواتي عبّرن عن رغبتهن في اكتساب مزيد من المهارات والمعارف الصحية والنفسية المتعلقة بتربية الأطفال.
في الختام، تؤكد هذه الحملة التحسيسية أن الاستثمار في صحة الأم والطفل هو استثمار في مستقبل المجتمع، وأن نشر ثقافة الرضاعة الطبيعية والاهتمام بالتعلق النفسي المبكر يشكل خطوة جوهرية نحو بناء أجيال أكثر صحة وتوازنا. وتبقى مثل هذه المبادرات شاهدة على الدور الهام الذي يلعبه المجتمع المدني، إلى جانب المتخصصين في علم النفس والتنمية البشرية، في نشر الوعي وتحقيق التنمية المستدامة.
المصطفى توفيق
14 نونبر 2025