افتتاح الماسترات المعتمدة لموسم 2025-2026: رؤية جديدة في سياسة التكوين الجامعي بالمغرب بقلم المصطفى توفيق

 



يشهد الموسم الجامعي 2025-2026 انطلاقة نوعية في منظومة التعليم العالي بالمغرب، من خلال اعتماد مجموعة جديدة من مسالك الماستر التي صادقت عليها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، في إطار استراتيجية تهدف إلى تحسين جودة التكوين وربط الجامعة بسوق الشغل.


فبعد أن كان الموسم الجامعي 2024-2025 قد عرف فتح بعض الماسترات في مجالات الآداب، والعلوم الإنسانية، والحقوق، والاقتصاد، مع التركيز على تعزيز البعد الأكاديمي والبحثي، جاء الموسم الجديد ليوسع الأفق أكثر نحو برامج مهنية وتطبيقية تستجيب للتحولات المجتمعية والتكنولوجية التي يشهدها المغرب والعالم.


توسع في التخصصات واعتماد الجودة


تميزت الدورة الحالية (2025-2026) بمصادقة الوزارة على عدد أكبر من مسالك الماستر، سواء في الجامعات الكبرى مثل جامعة عبد المالك السعدي، وجامعة محمد الخامس، وجامعة الحسن الثاني، وجامعة ابن طفيل، أو في الجامعات الناشئة التي أصبحت بدورها تساهم في عرض تكويني متنوع.

هذا التوسع لم يكن كميا فقط، بل ركز على معايير الجودة والملاءمة، إذ اصرت الوزارة على المؤسسات الجامعية تقديم ملفات دقيقة تتضمن الأهداف البيداغوجية، والمخرجات المتوقعة من كل برنامج، وطبيعة الكفاءات التي سيكتسبها الطلبة.


رقمنة التسجيل وتوحيد الإجراءات


في الوقت الذي كان فيه التسجيل في الموسم الجامعي 2024-2025 يعتمد على أنظمة منفصلة داخل كل جامعة، يشهد الموسم الجديد انتقالا تدريجيا نحو المنصات الرقمية الموحدة، مثل منصة جامعة عبد المالك السعدي الإلكترونية التي ستفتح قريبا باب التسجيل القبلي في مسالك الماستر.

هذا التحول الرقمي يعكس توجها استراتيجيا نحو تبسيط المساطر الإدارية وضمان الشفافية في عملية الانتقاء، فضلا عن تقريب الخدمات من الطلبة.


تنويع مجالات التكوين


من الملاحظ أيضا أن الموسم الجامعي 2025-2026 يشهد انفتاح الجامعات على مجالات جديدة للتكوين، من قبيل:


الماسترات في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.

الماسترات في الصحة النفسية، في علم النفس الإكلينيكي والمرضي والإرشاد الأسري.

الماسترات المهنية في التنمية المحلية وإدارة المشاريع.

إضافة إلى استمرار الماسترات الكلاسيكية في القانون والاقتصاد والآداب والعلوم الإنسانية.



تحديات وآفاق


رغم هذا التطور الملحوظ، لا تزال هناك تحديات مطروحة تتعلق بقدرة الجامعات على تأمين التأطير البيداغوجي الكافي، وتوفير بنيات استقبال ملائمة، خاصة في ظل الإقبال الكبير على الدراسات العليا.

لكن في المقابل، فإن هذه الدينامية الجديدة تؤكد أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو تجديد هندسة التكوين الجامعي، بما ينسجم مع مشروع الإصلاح الشامل الذي أعلنته الوزارة في أفق 2030.


وفي الختام، يمكن القول إن افتتاح الماسترات المعتمدة لموسم 2025-2026 يشكل محطة مفصلية في مسار إصلاح التعليم العالي بالمغرب، إذ يعكس إرادة مؤسساتية حقيقية للانتقال من منطق الكم إلى منطق الجودة والنجاعة، ويضع الطالب في قلب السياسات الجامعية الجديدة التي تربط البحث العلمي بالتنمية الوطنية.


2025/10/19