في قرية صغيرة تحيط بها الغابات والمروج الخضراء الجميلة، كان يعيش رجل حكيم يدعى خالد. كان هذا الأخير معروفا في القرية بقدرته الفائقة على تذكر أدق التفاصيل وأحداث الماضي البعيد. في يوم من الأيام، جمع خالد أطفال القرية المطلة على ضفاف نهر ام الربيع بمدينة ازمور ليحكي لهم قصة عن أنواع الذاكرة وأهميتها في حياتنا
جلس الأطفال حول خالد تحت شجرة ضخمة، وبدأ خالد قائلا: "في داخل عقل كل واحد منا، توجد أنواع مختلفة من الذاكرة، وكل نوع له وظيفته الخاصة. دعوني أخبركم عن هذه الأنواع عبر حكاية ثلاثة إخوة: مصطفى و نورالدين و جمال
كان مصطفى هو الأخ الأكبر، يملك ذاكرة تدعى الذاكرة الحسية. هذه الذاكرة تساعدنا على تذكر الأشياء لفترة قصيرة جدا، لا تتجاوز جزءا من الثانية. إنها مثل الفلاش السريع الذي يلتقط صورة عابرة لما نراه أو نسمعه عبر حواسنا الخمس
أما نورالدين، الأخ الأوسط، يملك ذاكرة تدعى الذاكرة قصيرة المدى. هذه الذاكرة تساعدنا على الاحتفاظ بالمعلومات لفترة قصيرة، مثل عندما نحاول تذكر رقم هاتف قبل أن ندونه. كانت هذه الذاكرة قوية، لكنها تحتاج إلى الانتباه والتركيز كي تبقى المعلومات لفترة أطول
وأخيرا، كان هناك جمال، الأخ الأصغر، الذي يمتلك ذاكرة تدعى الذاكرة طويلة المدى. هذه الذاكرة تحتفظ بالمعلومات لفترات طويلة، ربما لمدى الحياة. إنها المخزن الذي يحتفظ بكل ذكرياتنا وتجاربنا ودروسنا التي تعلمناها من الحياة
توقف خالد قليلا، ثم قال: لكل نوع من هذه الذاكرة دوره المهم. الذاكرة الحسية تساعدنا على التقاط المعلومات بسرعة، الذاكرة قصيرة المدى تساعدنا على استخدام المعلومات الحالية، والذاكرة طويلة المدى تخزن كل ما تعلمناه وعشناه. وهكذا، يعمل الإخوة الثلاثة معا للحفاظ على معلوماتنا وتجاربنا، مما يجعلنا نتعلم وننمو
أبدى الأطفال إعجابهم بحكاية خالد، وتعلموا أن كل نوع من أنواع الذاكرة يلعب دورا حيويا في حياتهم اليومية. وعادوا إلى منازلهم وهم يشعرون بالامتنان لعقولهم التي تساعدهم على تذكر الماضي والتعلم من التجارب والاستعداد للمستقبل
في اليوم التالي، تجمع الأطفال مرة أخرى حول خالد تحت نفس الشجرة الضخمة. كانوا متحمسين لسماع المزيد من حكايته عن أسرار العقل والذاكرة. بدأ مراد الحديث قائلا: "اليوم سأخبركم عن نموذج مهم لفهم كيفية عمل الذاكرة، يدعى نموذج أتكينسون وشفرين
نظر الأطفال إلى خالد بانتباه شديد، وبدأ هذا الأخير في الشرح: "هذا النموذج يشبّه الذاكرة بنظام ثلاثي المراحل. دعوني أشرح لكم ذلك من خلال قصة بسيطة
في قرية بعيدة، كان هناك مصنع سحري يدعى مصنع الذكريات. في هذا المصنع، كانت هناك ثلاث غرف رئيسية: الغرفة الأولى تدعى 'غرفة الذاكرة الحسية'. في هذه الغرفة، تجمع المعلومات من العالم الخارجي عبر الحواس. مثلا، عندما تشاهدون صورة جميلة أو تسمعون موسيقى رائعة، فإن هذه المعلومات تدخل أولا إلى هذه الغرفة. ولكن، مثلما يمر ضوء الفلاش سريعا، فإن المعلومات هنا تبقى لفترة قصيرة جدا، فقط لجزء من الثانية
ثم تنقل بعض هذه المعلومات إلى الغرفة الثانية، التي تدعى غرفة الذاكرة قصيرة المدى.في هذه الغرفة، يتم الاحتفاظ بالمعلومات لفترة أطول قليلا، ربما لبضع ثوانٍ أو دقائق. مثلا، عندما تقرأون رقم هاتف وتحاولون تذكره حتى تتمكنوا من كتابته، فإنكم تستخدمون هذه الغرفة. لكن هذه الذاكرة محدودة، ويمكن أن تحتفظ فقط بعدد محدود من المعلومات في نفس الوقت
أما الغرفة الثالثة والأخيرة، فهي غرفة الذاكرة طويلة المدى، هنا، تخزن المعلومات لفترات طويلة جدا، ربما لسنوات أو حتى مدى الحياة. كل تجاربكم، ودروسكم، وذكرياتكم الثمينة تخزن هنا. هذه الغرفة ضخمة جدا، ويمكن أن تحتفظ بكمية هائلة من المعلومات
توقف خالد للحظة، ثم أضاف: لكن هناك أمر مهم! ليس كل المعلومات تنتقل من غرفة الذاكرة قصيرة المدى إلى غرفة الذاكرة طويلة المدى بشكل تلقائي. نحتاج إلى تكرار المعلومات أو ربطها بأشياء نعرفها بالفعل لكي تتمكن من الانتقال والبقاء في الذاكرة طويلة المدى. هذا هو السبب في أن التكرار والمراجعة مهمان جدا عند تعلم شيء جديد
أدرك الأطفال أنهم تعلموا شيئا مهما عن كيفية عمل أدمغتهم. شكروا خالد وعادوا إلى منازلهم وهم يفكرون في كيفية استخدام هذه المعرفة لتحسين دراستهم وتذكرهم للأشياء المهمة. وهكذا، استمرت حكايات مراد في توسيع آفاقهم وفهمهم للعالم من حولهم
*****
مغزى هذه القصة القصيرة يتمحور حول فهم كيفية عمل الذاكرة الإنسانية وأهمية استخدام استراتيجيات معينة لتعزيز عملية التذكر والتعلم. و هذه بغض النقاط الأساسية التي تحملها القصة بوجه عام
أنواع الذاكرة: تشرح القصة الفرق بين الذاكرة الحسية، والذاكرة قصيرة المدى، والذاكرة طويلة المدى، ودور كل منها في معالجة وتخزين المعلومات
نموذج أتكينسون وشفرين: يوضح النموذج كيفية انتقال المعلومات عبر مراحل مختلفة من الذاكرة، من الحسية إلى قصيرة المدى ثم إلى طويلة المدى، مشيرا إلى أن تكرار المعلومات والمراجعة يساعدان في ترسيخها في الذاكرة طويلة المدى
أهمية التكرار والمراجعة: تشجع القصة الأطفال (والقراء عموما) على استخدام التكرار والمراجعة كأدوات لتحسين تذكر المعلومات، مما يفيد في التعلم والدراسة
التوعية بعمل العقل: تهدف القصة التي رواها خالد للأطفال توعية القراء بقدراتهم العقلية وكيفية استغلالها بشكل أفضل، مما يعزز من ثقتهم بأنفسهم ويفتح أمامهم آفاقا جديدة للتعلم والنمو
بهذا، تساعد القصة الجميع على فهم العمليات العقلية المرتبطة بالذاكرة وتعلم كيفية تحسين استراتيجيات التذكر بطريقة علمية وفعالة، مما يعزز الأداء الأكاديمي والتطور الشخصي