في إحدى ضواحي مدينة الدار البيضاء، عاشت امرأة تدعى سعاد، كانت حياتها تبدو طبيعية حتى تعرضت لحادث سيارة أليم قلب حياتها رأسا على عقب. منذ ذلك الحادث، بدأت سعاد تعاني من كوابيس متكررة وذكريات مؤلمة، مما جعلها تعيش في حالة من القلق الدائم وعدم القدرة على النوم بشكل طبيعي
بعد محاولات عديدة للتخلص من هذه المشاعر السلبية عن طريق الأدوية والجلسات النفسية التقليدية دون جدوى، اقترحت عليها صديقتها سميرة تجربة علاج جديد يدعى "إزالة الحساسية وإعادة المعالجة بحركات العين". كانت سعاد مترددة في البداية، لكنها قررت في النهاية أن تعطي هذا العلاج فرصة
في أول جلسة لها مع المعالج النفسي مصطفى، شرح هذا الاخير لسعاد أن العلاج يتضمن تذكيرها بالحادث المؤلم في جلسة آمنة ومراقبة حركات عينيها بينما تتابع أصبع المعالج التي تتحرك من جانب إلى جانب. وافقت سعاد على المحاولة وجلست على الكرسي، محاولة الاسترخاء
بدأ مصطفى بإرشاد سعاد إلى التركيز على مشهد من الحادث، وسرعان ما بدأت سعاد تشعر بالقلق والتوتر، لكن مصطفى استمر في إرشادها للتنفس بعمق والتركيز على حركة أصبعه. مع مرور الوقت، بدأت سعاد تشعر بأن الذكريات تفقد قوتها العاطفية، وكأنها تتحرر من قبضة تلك اللحظات المؤلمة
بعد عدة جلسات، لاحظت سعاد تغيرا كبيرا في حالتها النفسية. الكوابيس بدأت تتلاشى، وأصبحت قادرة على النوم بسلام. حتى خلال النهار، بدأت تشعر بالراحة والهدوء أكثر من ذي قبل. كان الأمر كما لو أن ثقلا كبيرا قد أزيل عن كاهلها
بدأت سعاد تعود تدريجيا إلى حياتها الطبيعية، ووجدت الشجاعة لمواجهة مخاوفها. كلما تذكرت الحادث، لم يعد يؤثر عليها بنفس القوة السابقة. شعرت بأنها استعادت زمام حياتها وأصبحت أقوى من ذي قبل
أدركت سعاد أن الشفاء ليس مجرد نسيان الماضي، بل هو معالجة الجروح النفسية والتعايش معها بسلام. عبر العلاج بـ إزالة الحساسية وإعادة المعالجة بحركات العين، وجدت سعاد الطريق إلى التعافي والأمل مجددا
في الحصة الأولى من العلاج ، دخلت سعاد غرفة المعالجة النفسية بحذر وقلق. كانت الجدران مزينة بألوان هادئة، والموسيقى الهادئة تملأ الجو، مما ساعد على خلق بيئة مريحة وداعمة
مصطفى، بابتسامة دافئة، دعى سعاد للجلوس وأخذ وقته في شرح تفاصيل العلاج بشكل مبسط. أوضح أن الهدف هو مساعدة الدماغ في معالجة الذكريات المؤلمة بحيث يمكن لسعاد أن تتعامل معه بشكل أكثر هدوءا. أكد المعالج النفسي مصطفى على أن سعاد هي التي تتحكم في الجلسة، وأنه يمكنها التوقف في أي وقت إذا شعرت بعدم الارتياح
بدأ مصطفى الجلسة بممارسة تنفس عميق لمساعدة سعاد على الاسترخاء. ثم طلب منها التفكير في حادث السيارة وتحديد مشهد معين يزعجها بشكل خاص. اختارت سعاد لحظة التصادم، حيث كان الصوت المرتفع للسيارات المتصادمة وصوت الزجاج المحطم يتكرر في ذهنها
مصطفى طلب من سعاد أن تتابع حركة أصبعه بعينيها بينما تتذكر هذه اللحظة. بدأ مصطفى يحرك أصبعه ببطء من جانب إلى جانب، وعين سعاد تتابع الحركة بدقة. في البداية، كانت هذه الأخيرة تشعر بالضيق والقلق، وبدأت تشعر بارتفاع معدل ضربات قلبها. لكن مصطفى كان يتحدث معها بلطف، يطلب منها التركيز على التنفس والاستمرار في متابعة حركة الأصبع
مع مرور الوقت، بدأت سعاد تشعر بتغير طفيف في مشاعرها. الذكريات لم تعد تبدو بنفس القوة والوضوح. بدأت تشعر وكأن الضباب يحيط بها، مما يجعل المشهد أقل حدة. مصطفى توقف بعد بضع دقائق وسأل سعاد عن شعورها. كانت متفاجئة، شعرت بأنها قد انتقلت إلى مكان أقل ألما وأكثر هدوءا
مصطفى استمر في تكرار هذه العملية عدة مرات خلال الجلسة، مع فترات راحة قصيرة للتحدث وتقييم مشاعر سعاد. في كل مرة، كانت تشعر بتحسن طفيف، وكأن طبقات الألم تبدأ في الانحسار ببطء
بنهاية الحصة الأولى، شعرت بالتحسن والراحة قليلا. كانت تعلم أن الطريق إلى الشفاء ما زال طويلا، لكن لأول مرة منذ الحادث، شعرت بالأمل. مصطفى أكد لها أن التقدم قد يكون بطيئا في البداية، ولكن مع المثابرة، ستكون قادرة على تجاوز هذه التجربة المؤلمة
خرجت سعاد من العيادة بشعور جديد من الطمأنينة والتفاؤل. كانت تتطلع إلى الجلسات القادمة، مستعدة لمواجهة ذكرياتها ومعالجة ألمها بطريقة جديدة ومثمرة
في الحصة الأخيرة من علاج إزالة الحساسية وإعادة المعالجة بحركات العين، شعرت سعاد بتحسن كبير. جلسات العلاج المتكررة قد ساعدتها على التخفيف من حدة الذكريات المؤلمة، وأصبحت تشعر بالسلام والهدوء. كان مصطفى فخور بالتقدم الذي أحرزته سعاد، وقرر أن يسلط الضوء على تقنية العلاج وتاريخه لمزيد من الفهم والتقدير
بدأ مصطفى بالحديث عن فرانسين شابيرو، عالمة النفس التي ابتكرت تقنية إزالة الحساسية وإعادة المعالجة بحركات العين. قال مصطفى: "فرانسين شابيرو كانت في الأساس عالمة أبحاث، وفي أواخر الثمانينات، اكتشفت صدفة تأثير حركات العين على معالجة الذكريات المؤلمة. كانت تمشي في الحديقة وهي تفكر في بعض الأمور المزعجة، ولاحظت أن مشاعرها السلبية بدأت تتلاشى كلما تحركت عيناها بسرعة من جانب إلى جانب. كانت هذه الملاحظة البسيطة بداية لرحلة طويلة من الأبحاث والتجارب السريرية
تابع مصطفى قائلا: بعد هذه الملاحظة الأولية، قامت شابيرو بإجراء سلسلة من الدراسات المنهجية لتطوير تقنية إزالة الحساسية وإعادة المعالجة بحركات العين. وجدت أن حركات العين، أو أي شكل من أشكال التحفيز الثنائي، يمكن أن يساعد في إعادة معالجة الذكريات المؤلمة، مما يقلل من تأثيرها العاطفي. على مر السنوات، تطورت التقنية وأصبحت تتضمن بروتوكولات محددة تضمن تحقيق أفضل النتائج للأشخاص الذين يعانون من قلق ما بعد الصدمة النفسية
أوضح مصطفى أن إزالة الحساسية وإعادة المعالجة بحركات العين يعتمد على آلية مشابهة لتلك التي تحدث أثناء مرحلة حركة العين السريعة في النوم، حيث يعتقد أن الدماغ يعالج التجارب والمشاعر. من خلال تكرار تحفيز العين بالتزامن مع استحضار الذكريات المؤلمة، يتمكن الدماغ من معالجة تلك الذكريات بشكل أكثر فعالية، مما يساعد على تقليل القلق والاضطراب الذي تسببه
ابتسم مصطفى وأضاف: النتائج السريرية أثبتت فعالية إزالة الحساسية وإعادة المعالجة بحركات العين في علاج اضطراب ما بعد الصدمة، القلق، الاكتئاب، وحتى بعض حالات الألم الجسدي المرتبطة بالعوامل النفسية. هذه التقنية ساعدت الكثير من الأشخاص على استعادة حياتهم بعد تعرضهم لتجارب صعبة
سعاد استمعت باهتمام وشعرت بالامتنان لهذه التقنية التي غيرت حياتها. كانت تعرف الآن أن رحلتها نحو الشفاء ليست مجرد صدفة، بل هي نتاج لعمل دؤوب وأبحاث مستمرة قامت بها شابيرو وعلماء آخرون. شعرت بقوة جديدة وبفهم أعمق لعملية الشفاء
في نهاية الجلسة، شكرت سعاد مصطفى على دعمه وإرشاده خلال هذا العلاج. كانت مستعدة لمواجهة حياتها الجديدة بتفاؤل وثقة، مدركة أن لديها الأدوات اللازمة للتعامل مع أي تحديات مستقبلية. بفضل إزالة الحساسية وإعادة المعالجة بحركات العين، تمكنت سعاد من بناء حياة مليئة بالأمل والطمأنينة
******
مغزى هذه القصة هو أن الشفاء النفسي ممكن حتى بعد التعرض لتجارب مؤلمة وصادمة، وأن هناك تقنيات وعلاجات مبتكرة، مثل إزالة الحساسية وإعادة المعالجة بحركات العين، يمكن أن تساعد الأفراد على معالجة الذكريات المؤلمة واستعادة حياتهم. توضح القصة أهمية البحث العلمي والتجارب الشخصية في تطوير طرق علاجية فعالة، وتشجع الأمل والتفاؤل لدى أولئك الذين يعانون من اضطرابات نفسية. كما تسلط القصة القصيرة الضوء على قوة الدعم والتوجيه المهني في تحقيق التقدم والشفاء
تسلط القصة الضوء على علاج إزالة الحساسية وإعادة المعالجة بحركات العين، كوسيلة فعالة للتعامل مع الذكريات المؤلمة واضطراب ما بعد الصدمة، مما يفتح الباب أمام القراء لاستكشاف هذه التقنية كخيار علاجي
تقدم القصة رسالة أمل لكل من يعاني من الصدمات النفسية، مؤكدة أن الشفاء ممكن مع الدعم المناسب والعلاج الفعال
تظهر القصة أهمية اللجوء إلى محترفين نفسيين عند مواجهة مشاكل نفسية، مما يشجع القراء على طلب المساعدة بدلا من المعاناة بصمت
تبرز القصة دور البحث العلمي والاكتشافات الصدفوية في تطوير علاجات جديدة، مما يزيد من تقدير القراء لأهمية العلم والبحث
من خلال علاقة سعاد بصديقتها سميرة والمعالج النفسي مصطفى، توضح القصة أهمية الدعم الاجتماعي والأشخاص الذين يحيطون بنا في رحلتنا نحو الشفاء