شهد مجال علم النفس في المغرب خطوة جديدة ومهمة بعد صدور قرار وزير العدل رقم 1789.25، الذي نشر في الجريدة الرسمية، حيث خول للأخصائي النفسي حق الولوج إلى مجال الخبرة القضائية، وفق الشروط المحددة في القرار. وتعتبر هذه الخطوة اعترافا رسميا بالدور الحيوي الذي يمكن أن يلعبه الأخصائي النفسي في ميدان العدالة، خاصة في ما يتعلق بتقديم الخبرة العلمية حول الحالة النفسية للأطراف أو الشهود أو الضحايا في القضايا المعروضة على القضاء.
ممارسة مهنة الأخصائي النفسي
ممارسة مهنة الأخصائي النفسي في الحياة العامة تخضع لإطار قانوني وتنظيمي خاص، إذ لا يكفي الحصول على شهادة جامعية في علم النفس لمزاولة المهنة، بل يتطلب الأمر:
التوفر على مؤهلات أكاديمية معترف بها (إجازة، ماستر، دكتوراه في علم النفس).
التسجيل في اللوائح أو السجلات الرسمية التي تحددها السلطات المختصة (وزارة الصحة، أو وزارة التعليم العالي حسب التخصص).
احترام القوانين المنظمة للمهنة وكذا مواثيق وأخلاقيات العمل النفسي.
بالتالي، فإن ممارسة المهنة اليومية للأخصائي النفسي تهدف إلى تقديم الدعم النفسي، العلاج، التقييم النفسي، المرافقة، والوقاية من الاضطرابات النفسية.
الأخصائي النفسي في مجال الخبرة القضائية
أما القرار الوزاري الجديد فقد فتح الباب أمام فئة من الأخصائيين النفسيين لممارسة الخبرة القضائية، أي إن دورهم ينحصر في تقديم تقارير أو شهادات علمية موضوعية تساعد القضاة على فهم الجوانب النفسية المرتبطة بالقضية. هذه الخبرة لا تمارس بشكل عشوائي، بل تخضع لشروط دقيقة من بينها:
القيد في لائحة الخبراء القضائيين المعتمدين من طرف وزارة العدل.
احترام الضوابط القانونية والموضوعية في إعداد التقارير.
الالتزام بالحياد والنزاهة باعتبار أن الخبرة القضائية موجّهة أساسا لخدمة العدالة.
الفرق بين الممارسة المهنية والخبرة القضائية
ممارسة المهنة: تعني عمل الأخصائي النفسي في العيادات، المراكز الصحية، المؤسسات التعليمية أو الاجتماعية، لتقديم الدعم النفسي والعلاجي للأفراد والجماعات.
الخبرة القضائية: تعني تدخل الأخصائي النفسي بطلب من القضاء لتقديم تقارير محايدة حول جوانب نفسية متعلقة بقضية معينة.
في الختام، إدماج الأخصائي النفسي في الخبرة القضائية يعد اعترافا بأهمية البعد النفسي في تحقيق العدالة، لكنه لا يغني عن ضرورة وجود إطار قانوني متكامل ينظم ممارسة المهنة بشكل عام ويضمن حقوق الأخصائيين النفسيين وحقوق المستفيدين من خدماتهم. وهكذا يصبح الأخصائي النفسي فاعلا مزدوج الدور: ممارسا لمهنته في المجتمع، وخبيرا قضائيا يساهم في خدمة العدالة عند الحاجة.