اذا عرف العلم الإنسان بأنه كائن حي عاقل و لديه القدرة على التفكير و الإدراك والتفاعل على خلاف باقي الحيوانات المتواجدة على الكرة الأرضية، فما هي غايته من الوجود؟
يقول دوركهايم: << إن الأفراد يسيرون في مختلف شؤون حياتهم على أساليب و قواعد يلتزمون بها، ففي الحياة الدينية يتفقون على قواعد تنظيم طقوسهم وشعائرهم و مقدساتهم، و في حياتهم الأسرية يلتزمون بقواعد خاصة بالزواج و الطلاق ، و القرابة و المصاهرة، و الحقوق و الواجبات في داخل الأسرة ، و في الجوانب الاقتصادية يسيرون على نظام معين في طرق التبادل ، و الإنتاج و ما يرتبط بهما ، ولا يخرج أحد عن هذه الالتزامات ، و في حالة الخروج عنها فإنه يواجه بعقاب صارم، كذلك الحال في النواحي السياسية ، و الأخلاقية، و القضائية ، و اللغوية ، و التربوية ، و الفنية، و كل هذه الأساليب و القواعد التي يسير عليها الأفراد و يلتزمون بها في كل شؤونهم ، تسمى "الظواهر الاجتماعية " >> كتاب "قواعد المنهج"، دوركهايم.
عندما نستيقظ من النوم، و نتناول وجبة الإفطار، يتجه كل واحد منا إلى عمله، ثم يبدأ التفاعل بين أفراد المجتمع الواحد، هذا يدرس في المدرسة والآخر يدرس في الجامعة، رب الأسرة يشتغل في شركة أو معمل، و جاره عاطل عن العمل، عبد السلام يفتح دكانه لبيع الخضر و الفواكه، و السعدية في طريقها إلى السوق، طالب معرفة يبحث عن بعض الكتب أو المراجع على موقع غوغل، و الأستاذ حمزة يلقي محاضرة على طلبة مسلك علم النفس، هذه العائلة في طريقها لزيارة ابنها في السجن، و العائلة الأخرى مدعوة إلى حفل الزفاف في قاعة الأفراح، مصطفى يتابع الأخبار السياسية في التلفزيون، و بوعزة يتابع النشرة الجوية، المعطي يوجه رسالة تعزية إلى عائلة فقدت ابنها، خديجة تذكرت صديقها في الدراسة ثم شرعت في كتابة قصة تحت عنوان "نوستالجا" ، مريم منشغلة مع أطروحة الدكتوراه و عبد المولى يتشاجر مع زميله، نبيلة تشكو من اضطرابات نفسية و تبحث عن أخصائي نفسي، بينما جارتها تريد الذهاب عند الفقيه لأنها تعتقد أنها "مسكونة" ...وهكذا دواليب.
و من هذا المنظور، يبدو ان الإنسان يتعايش و يتفاعل مع الآخر ، فهل يعني أن هذا التعايش و التفاعل هو غايته من الوجود ؟
