في الآونة الأخيرة، تداولت بعض المواقع الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي خبرا مفاده أن سيدة سعودية نجحت في "شفاء" طفليها من التوحد بعد اتباع حمية غذائية ترتكز على اليقطين، الجوز، والتمر، وذلك بناء على توصيات طبيبة سورية تدعى هـ. ك.
.
وقد ادعى الخبر أن الحمية أدت إلى نتائج "علاجية مذهلة" في غضون أشهر.
لكن، من المهم التوقف عند هذه القصة وتحليلها علميا وطبيا، بعيدا عن العواطف والمبالغات الإعلامية والأخبار الزائفة
أولا: ما هو اضطراب طيف التوحد (ASD)؟
اضطراب طيف التوحد هو اضطراب نمائي عصبي يظهر في مرحلة الطفولة المبكرة، ويؤثر على:
مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي
السلوكيات النمطية أو المتكررة
أنماط اللعب والاهتمامات المحدودة
التوحد ليس مرضا يشفى، بل هو اضطراب يرافق الشخص مدى الحياة، ويمكن التعايش معه بفعالية عبر تدخلات متخصصة ودعم أسري واجتماعي وتربوي.
ثانيا: هل الحمية الغذائية تعالج التوحد؟
بعض الدراسات العلمية لاحظت أن:
بعض الأطفال المشخصين باضطراب طيف التوحد قد يظهرون تحسنا طفيفا في التركيز أو السلوك بعد اتباع حميات غذائية خاصة، مثل:
حمية خالية من الغلوتين (القمح)
حمية خالية من الكازين (الحليب ومشتقاته)
لكن:
هذه النتائج ليست قاطعة أو معممة.
ولا توجد أدلة علمية قوية تثبت أن الحمية وحدها تؤدي إلى "الشفاء من التوحد".
الجمعيات الطبية المتخصصة، مثل الجمعية الأمريكية للطب النفسي (APA) ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، لا تعتبر الحمية الغذائية علاجا رسميا للتوحد.
ثالثا: ما خطورة الترويج لمثل هذه القصص؟
1. إعطاء أمل زائف للأهالي الذين يعانون من صعوبات حقيقية.
2. إهمال العلاجات المثبتة علميا مثل العلاج السلوكي التطبيقي (ABA)، والعلاج بالنطق، والتأهيل التربوي.
3. تعميم حالات فردية قد يكون فيها الطفل يعاني من شيء آخر إلى جانب التوحد.
رابعا: ما هو الموقف العلمي الصحيح؟
التدخل المبكر، والدعم النفسي والتربوي، والعلاج السلوكي، هي الأدوات العلمية الأهم لمساعدة الطفل المصاب بالتوحد.
أي تغيير في النظام الغذائي يجب أن يتم بإشراف طبيب مختص بالتغذية وطفل التوحد.
في الختام، الخبر المتداول حول شفاء طفلين من التوحد عن طريق وصفة غذائية من اليقطين والجوز والتمر غير دقيق علميا، ويفتقر إلى المصداقية والمرجعية الطبية.
ومن الضروري الرجوع إلى الأطباء والمختصين لتقديم رعاية حقيقية قائمة على العلم، وليس على القصص الشخصية غير الموثقة.
وفي اعتقادي، أن البحث عن مصادر موثوقة، واستشارة المختصين في مجال التوحد، أفضل بكثير من تتبع الأخبار غير الدقيقة التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي.