في مدينة طنجة، المدينة التي طالما ألهمت الأدباء والفنانين، شهد ديوان عمدة طنجة يوم الأربعاء 1 ماي 2025، في تمام الساعة السادسة مساء، انطلاقة فعالية استثنائية تمثلت في تدشين "ديوان الأدب"، كفضاء مؤسساتي جديد يُعنى بالثقافة والإبداع، ويشكل جسرا متينا بين الفاعلين الثقافيين ومؤسسات المدينة.
وقد تميز الحدث بحضور ثلة من المثقفين والأكاديميين، إلى جانب مسؤولين محليين وإعلاميين، مما يعكس الاهتمام المتزايد بإعادة الاعتبار للثقافة كرافعة أساسية للتنمية المجتمعية. وتم خلال اللقاء تقديم رؤية واضحة لديوان الأدب باعتباره منصة مؤسساتية تهدف إلى احتضان المبادرات الثقافية، وتنظيم لقاءات أدبية، وإحياء التقاليد الفكرية الأصيلة التي عرفت بها طنجة عبر التاريخ.
وفي كلمته عبر فضيلة الدكتور الطيب الوزاني الشاهدي، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمرتيل، التابعة لجامعة عبد المالك السعدي، عن سعادته بمشاركة الكلية كشريك في هذه المبادرة، مشيدا بهذا التعاون الثقافي الذي يجسد انفتاح الجامعة على محيطها. كما أكد على عمق الرصيد الحضاري لمدينة طنجة، وذكّر بالحضور العلمي للدكتور عبد السلام شقور في الكلية، معتبرا أن هذا النوع من الفضاءات يعزز العلاقة بين المؤسسة الأكاديمية والمجتمع.
وفي مداخلته، عبر رئيس المجلس الجماعي لطنجة (العمدة) منير ليموري عن سعادته بميلاد
فضاء ثقافي متميز مثل "ديوان الأدب"، معتبرا أنه يشكل إضافة نوعية للمشهد الثقافي المحلي، ويؤكد مرة أخرى أن طنجة هي مدينة الكلمة الحرة والإبداع المتجدد. وأكد أن دعم الثقافة ليس ترفا، بل هو رهان حقيقي على التنمية البشرية، مشيرا إلى استعداد جماعة طنجة الكامل لمواكبة مثل هذه المبادرات الجادة التي تعيد للثقافة مكانتها في المجتمع.
أما الدكتور عبد السلام شقور، فقد اختار أن يربط المناسبة بشخصية ابن بطوطة، الرحالة الطنجي الشهير، مستعرضا جانبا من بحثه المعنون بـ"البعد الصوفي في حياة ابن بطوطة"، حيث أبرز الأبعاد الروحية التي رافقت رحلاته الطويلة، والتي لم تكن مجرد تنقل جغرافي بل تجربة ذاتية وصوفية بامتياز. كما استعرض محطات من رحلة ابن بطوطة التي امتدت لأكثر من ربع قرن وشملت آسيا وإفريقيا وأوروبا، مؤكدا على أن هذا الإرث يمثل مصدر إلهام متجدد للثقافة الطنجاوية المعاصرة، وعلى رأسها مبادرات مثل "ديوان الأدب"
تعددت التفاعلات بين تصفيقات حارة، ومداخلات غنية، وتساؤلات عميقة من طرف الحضور، ما أضفى على اللقاء طابعا ديناميكيا وحيويا. البعض سجل انطباعاته في دفاتر الملاحظات، والبعض الآخر وثق اللحظة بالصور والتسجيلات، في حين لم يتردد كثيرون في الانخراط في النقاش المفتوح مع المتدخلين، مما حول الفضاء إلى حلقة حوار فكري جماعي.
وما زاد اللقاء دفئا هو فتح باب المداخلات، حيث كان لمداخلة المصطفى توفيق، رئيس الاتحاد الدولي للصحافة والإعلام والباحث في علم النفس الإكلينيكي والمرضي، صدى خاص بين الحاضرين. وقد عبر عن ترحيبه الكبير بفكرة إنشاء مكتبة داخل الفضاء الثقافي، تكون بمثابة ذاكرة أدبية حية ومصدر إشعاع معرفي مفتوح أمام الزوار والباحثين والمهتمين بالشأن الثقافي. كما شدد على أن المساهمة في بناء هذه المكتبة ينبغي ألا تقتصر على كتّاب طنجة فقط، بل تشمل جميع الكتّاب والمبدعين المغاربة من مختلف المدن.
في مستهل مداخلته، توجه الدكتور حسن برهون بخالص عبارات الشكر والتقدير إلى الحضور الكريم، من مثقفين وأدباء وفاعلين جمعويين، الذين ساهموا بحضورهم وتفاعلهم في إنجاح هذا الموعد الثقافي الهام، مؤكدا أن "ديوان الأدب" يمثل خطوة جادة في سبيل ترسيخ ثقافة اللقاء والتبادل الفكري.
كما لم يفته أن يعبر عن امتنانه العميق لعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمرتيل، التابعة لجامعة عبد المالك السعدي، لما يبذله من مجهودات في دعم الثقافة والفكر، وتشجيع المبادرات العلمية والإبداعية، مبرزا أن هذا التعاون بين المؤسسات الجامعية والمبادرات الثقافية يشكل رافعة حقيقية لتعزيز الحضور الثقافي على مستوى الجهة ككل.
وفي الختام، يعد "ديوان الأدب" في طنجة خطوة مهمة نحو تعزيز المشهد الثقافي المحلي والمساهمة في نشر المعرفة والإبداع بين الأجيال الجديدة. هذا الفضاء الثقافي يعكس التزام المدينة العميق بالحفاظ على تراثها الأدبي والفكري، ويساهم في ربط الماضي بالحاضر من خلال التفاعل المستمر بين المثقفين والمؤسسات الأكاديمية والمجتمع المحلي. ومع التفاعل الملموس والحضور الفاعل في هذا الحدث، يبقى "ديوان الأدب" عنوانا للثقافة الحرة والمبدعة، ومصدر إشعاع يعكس التزام طنجة بتطوير ثقافتها ومكانتها على الساحة الوطنية والدولية، حيث التقطت في الختام صورة جماعية توثق هذا الحدث الثقافي المميز، وتخلد لحظة انطلاق فضاء أدبي واعد ينتظر أن يكون منارة للإبداع والحوار."