قراءة سيكولوجية في كتاب "الإدمان وحش يهدد المجتمع" للدكتور محمد أحمد النابلسي

 




يعد كتاب "الإدمان وحش يهدد المجتمع" للدكتور محمد أحمد النابلسي من المؤلفات التي تسلط الضوء على الإدمان كظاهرة نفسية واجتماعية تهدد الفرد والمجتمع. يتميز الكتاب بتناوله العميق لأسباب الإدمان، آثاره النفسية والاجتماعية، وطرق علاجه والوقاية منه، معتمدا على منظور سيكولوجي متكامل يجمع بين النظريات النفسية الحديثة والتطبيقات العملية.


الإدمان من منظور نفسي


يعرض الدكتور النابلسي الإدمان باعتباره اضطرابا نفسيا يتجاوز كونه مجرد عادة سيئة، حيث يرتبط بعوامل نفسية مثل القلق، الاكتئاب، والاضطرابات الشخصية. يشير إلى أن الإدمان قد يكون وسيلة هروب يلجأ إليها الفرد للتعامل مع الضغوط النفسية، خاصة في ظل بيئة اجتماعية غير مستقرة. كما يتطرق إلى الدور الذي تلعبه المنظومة العصبية في تعود الدماغ على المواد المخدرة وتأثيرها على الجهاز العصبي، مما يجعل عملية الإقلاع صعبة وتتطلب تدخلا علاجيا مكثفا.


الأسباب النفسية والاجتماعية للإدمان


يوضح الكتاب أن هناك عدة عوامل تساهم في وقوع الفرد في دائرة الإدمان، ومنها


1

 العوامل النفسية: كالشعور بالعزلة، الاغتراب النفسي، وتدني تقدير الذات


2

 العوامل الاجتماعية: مثل التفكك الأسري، الضغوط المجتمعية، وتأثير الأقران


3

 العوامل البيولوجية: حيث تلعب الجينات دورا في استعداد بعض الأفراد للإدمان أكثر من غيرهم.


يؤكد الدكتور النابلسي على أهمية الفروق الفردية في التعامل مع الإدمان، مشيرا إلى أن بعض الأشخاص قد يكونون أكثر عرضة للإدمان بسبب شخصياتهم القلقة أو المندفعة، بينما قد يكون لدى آخرين قدرة أكبر على مقاومة تأثير المواد المخدرة.


العلاج والوقاية من الإدمان


يطرح الكتاب استراتيجيات علاجية تعتمد على أساليب العلاج المعرفي السلوكي (CBT)، والعلاج النفسي الديناميكي، بالإضافة إلى العلاج الدوائي في بعض الحالات. كما يشير إلى دور الدعم الاجتماعي والأسري في تعزيز التعافي، حيث يحتاج المدمن إلى بيئة داعمة تشجعه على تبني أسلوب حياة صحي بعيدا عن المخدرات.


على مستوى الوقاية، يشدد الكاتب على أهمية التوعية والتثقيف النفسي منذ سن مبكرة، وتعزيز مهارات التكيف النفسي والاجتماعي لدى الأفراد، خاصة المراهقين، لمنع الوقوع في براثن الإدمان.


وفي الختام، يقدم كتاب "الإدمان وحش يهدد المجتمع" تحليلا نفسيا دقيقا لظاهرة الإدمان، موضحا أنها ليست مجرد مشكلة فردية، بل قضية مجتمعية تحتاج إلى تدخل متعدد الأبعاد يشمل العلاج النفسي، الدعم الاجتماعي، والتوعية المستمرة. من خلال هذا الكتاب، يؤكد الدكتور النابلسي على أن الإدمان ليس قدرا حتميا، بل يمكن التصدي له عبر فهم أسبابه العميقة وتقديم الدعم المناسب للمتعافين.