كان هناك شاب يدعى إدريس، يعيش في قرية صغيرة هادئة، ضواحي مدينة ازمور. كان إدريس معروفا بذكائه وطموحه، لكنه كان يملك صفة واحدة تجعله مكروها بين الناس: الأنانية
إدريس كان يفكر دائما في نفسه أولا، ويضع مصالحه الشخصية فوق مصالح الآخرين. عندما كان يحتاج إلى مساعدة، كان يجد الجميع حوله، لكنه عندما يطلب منه أحد المساعدة، كان يتجاهل الطلب أو يختلق الأعذار ليتجنب تقديم العون أو ما شابه ذلك
في أحد الأيام، قررت القرية الصغيرة إقامة مسابقة لجمع الأموال لبناء مدرسة جديدة للأطفال. كانت هذه المدرسة حلما قديما للقرية، والجميع كانوا متحمسين و فرحين للمساهمة. إدريس، على الرغم من ذكائه وقدرته على المساعدة، قرر أنه ليس لديه وقت للمشاركة في هذا المشروع الجماعي
بدلا من ذلك، كان إدريس يعمل على مشروعه الشخصي، حيث كان يسعى لإطلاق عمل تجاري جديد من شأنه أن يدر عليه أرباحا كبيرة. كان يقول لنفسه: "لماذا أضيع وقتي في شيء لن يعود علي بفائدة مباشرة أو بربح مادي؟"
ومع مرور الأيام، كان أهل القرية يعملون بجد لجمع الأموال. كانوا يقيمون حفلات الود و التضامن، وينظمون أسواقا، ويجمعون التبرعات من كل مكان. و إدريس كان يشاهد كل هذا بنظرة لا مبالية، و يتمسك بسياسة اللامبالاة
لكن، حدث ما لم يكن في الحسبان. تعرض مشروع إدريس للافلاس و لمشاكل غير متوقعة، وخسر كل أمواله. وجد نفسه وحيدا ومحطما و حزينا، دون دعم أو مساعدة من أحد. حاول أن يلجأ إلى أهل القرية، لكنه تيقن بأن ردود اهل القرية ستكون باردة وغير مبالية
في تلك اللحظة، أدرك إدريس مدى خطأه. فهم أن الأنانية جعلته يفقد الدعم الذي كان يمكن أن يجده من مجتمع القرية. قرر إدريس أن يغير من نفسه، وأخذ أول خطوة في هذا الاتجاه بالتطوع في المشروع المدرسي
بدأ إدريس يعمل بجد مع أهل القرية، ليساعد في بناء المدرسة. تدريجيا، بدأ الناس يرون تغييرا حقيقيا في شخصيته. عاد الثقة والتعاون بينه وبين أهل القرية، وأصبح شخصا محترما ومحبوبا
مع مرور الوقت، تم بناء المدرسة وأقيم حفل كبير للاحتفال بالإنجاز. وشكر القائمون على الحفل الجميع على جهودهم، وشكروا بشكل خاص إدريس على تغييره وتحوله من شخص أناني إلى شخص مساهم وفاعل في المجتمع
من تلك اللحظة، تعلم إدريس درسا قيما: الأنانية قد تجلب النجاح المؤقت، لكنها لا تجلب السعادة أو الدعم الحقيقي. فقط عندما يضع الإنسان مصالح الآخرين في قلب اهتماماته، يمكنه أن يحقق السعادة الحقيقية والنجاح الدائم
******
المغزى من هذه القصة القصيرة هو أن الأنانية قد تحقق نجاحا مؤقتا، لكنها لا تجلب السعادة أو الدعم الحقيقي من المجتمع. تظهر القصة أهمية التعاون والمشاركة في حياة الإنسان، وأن التفكير في مصالح الآخرين والعمل من أجل الصالح العام يؤدي إلى بناء علاقات إيجابية وداعمة
الشخص الذي يضع مصالح المجتمع وأفراده في قلب اهتماماته يحقق السعادة والنجاح الحقيقي والدائم. القصة تعلمنا أن الإنسان جزء من المجتمع، ولا يمكنه العيش أو النجاح بمفرده دون مساعدة ودعم الآخرين و التفاعل معهم بشكل بناء
فعندما كان إدريس يفكر فقط في مصلحته الخاصة ولا يعير أي اهتمام لأهل القرية التي هو جزء منها، خسر كل شيء. ولكن عندما أدرك فجأة أن النجاح الحقيقي يستند إلى المشاركة والتفاعل البناء مع بيئته ومحيطه الاجتماعي، تغيرت حياته بشكل إيجابي