أعتقد أن بعض الجزائريين يجهلون تطبيع علاقة بني جلدتهم مع الإسرائيليين ، و نظرا لجهلهم لتطبيع هذه العلاقة غير المعلنة، يقومون بتوجيه اللوم إلى الدول العربية التي طبعت مع إسرائيل متجاهلين مصافحة رئيسهم بوتفليقة في الرباط بتاريخ 25 يوليوز 1999 مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك بمناسبة مراسم جنازة المغفور له الحسن الثاني ، حيث قال الرئيس الجزائري وقتها في المقابلة مع يديعوت احرونوت (لا اشعر باي عداوة تجاه اسرائيل).
نشر موقع تيلي ماروك بتاريخ 4 يناير 2021 مقالا تحت عنوان "علاقات جزائرية إسرائيلية في الخفاء منذ عقود" ، و المقال مفاده أنه على الورق لا وجود لعلاقات رسمية بين إسرائيل و الجزائر، إذ تصطف الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية في صف مقاطعة أصبحت جزءا من الماضي، وتصر على أن تحمل صفة الدولة الرافضة للانفتاح على إسرائيل، بالرغم من أن العالم اليوم أصبح قرية صغيرة و أن الانترنت ألغى الحدود و مكن الشعوب من التعرف على بعضها البعض، دون الحاجة إلى تأشيرة أو جواز حتى، يكفي صبيب من الإنترنيت للسفر إلى أبعد نقطة في العالم، و المقال يضيف أنه نظريا ترفض الجزائر دخول أراضيها لأي شخص يحمل جواز سفر إسرائيلي، أو أي جواز سفر آخر لديه تأشيرة دخول من إسرائيل، لكن هذا لا يمنع حكام الجزائر من الجلوس حول طاولة الحوار مع الإسرائيليين، فقط يختارون أن يكون اللقاء خارج الجزائر، حيث أكدت ذلك مجلة "ميديا بارت" الفرنسية الشهيرة، كشفت المستور حين فجرت فضيحة من العيار الثقيل تتعلق باتفاق سري بين جنرالات الجزائر و إسرائيل، و أماطت اللثام عن تفاصيل عقد شراكة سرية بين البلدين منذ سنة 2014، و أكدت المجلة الفرنسية الشهيرة بملفات التحقيق الصحافية، أن الجزائر قبلت توقيع الإتفاق التجاري مع إسرائيل، لكن بشرط أن يبقى سرا بوساطة مصرية، حيث تدفق الغاز الجزائري في أنابيب تمر عبر العريش في مصر.
و يتذكر المستشار الإعلامي للرئيس تفاصيل لقاء في جنازة الملك الحسن الثاني،التي عرفت تدفق زعماء ورؤساء من مختلف دول العالم، وغطت مصافحة بين الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، على اللقاءات الثنائية والثلاثية والرباعية التي جرت على هامش الجنازة، لتصبح المصافحة موضوعا مفضلا لوسائل إعلام عربية وإسرائيلية وعالمية، حيث قالت كتابات صحافيين عرب وهم يدونون الواقعة إنه في يوم الأحد 25 يوليوز 1999، وبينما كان باراك ينتظر في باحة القصر الملكي بالرباط ترتيبات جنازة الراحل الحسن الثاني، مر من أمامه العاهل السعودي فهد بن عبد العزيز، فتجاهل باراك الذي كان مستعدا لمصافحته، ثم مر على عبد الله صالح، الرئيس اليمني السابق، فتجاهله هو الآخر، وعندما ظهر الرئيس الجزائري السابق من بعيد، التمس باراك من رافي إدري وروبير أصراف، وكلاهما من أصول مغاربية أن يتوجها نحو بوتفليقة الذي جاء إلى حيث يقف باراك، بدون تردد، وصافحه بحرارة قائلا : «لم تكن لنا أبدا مشكلة مع إسرائيل»، وبدت المصافحة التي تمت بالصدفة، وكأنها الخطوة التي كشفت ما خفي من علاقات بين الجزائر وإسرائيل أو جبل الجليد، تبعا لوصف صحف إسرائيلية وفرنسية، و من جهته، وصف بوتفليقة من طرف صحافة بلاده بالشجاع الذي حقق اختراقا لم تجرؤ عليه السياسة الخارجية الجزائرية سابقا.
وكان مسئولون إسرائيليون سابقون كشفوا في يوليوز عن قيام اسرائيل والجزائر اللتين لا تقيمان أي علاقات رسمية بينهما، عن اتصالات سرية في الثمانينيات تم استئنافها منذ عام، حيث أكد سفير إسرائيل السابق في فرنسا اوفاديا سوفر أن أحد المقربين من الرئيس الجزائري وهو الشاذلي بن جديد في ذلك الحين، التقى مرارا شيمون بيريز بين العام 1986 و 1988 عندما كان هذا الأخير وزيرا للخارجية، والى ذلك الحين اعلن موظف اسرائيلي رفيع المستوى أن اسرائيل والجزائر تقيمان منذ عام اتصالات سرية في بلد آخر في المجالات العلمية والثقافية والإعلامية، وقال مسئول سابق في دائرة التعاون الإقليمي في وزارة العلوم الاسرائيلية، البير بن عبو، نقوم بمبادلات على المستويات الثقافية والعلمية والإعلامية منذ أكثر من سنة في بلد ثالث ـ الوكالات-
و لقد سبق للكاتب الجزائري محمد تامالت الذي توفي في إحدى السجون الجزائرية بعد إضرابه عن الطعام و هو أول صحفي يلقى حتفه في السجن، و الذي أصدر كتابه "العلاقات الجزائرية الإسرائيلية" الذي يتحدث في إحدى فصوله عن التطبيع الجزائري الإسرائيلي، حيث يقول محمد تامالت: "إن الكتاب يختلف عن كل ما كتب في الماضي باهتمامه بملف لم يطرق كل جوانبه أحد، فهو في نفس الوقت الذي يرافع فيه عن ضرورة فتح ملف الصراع الجزائري الإسرائيلي الذي لم يجرؤ في فتحه سياسي أو إعلامي يحاول أن يتعرض إلى مسألة شائكة بدورها في الاتصالات الإسرائيلية مع الجزائريين لاقناعهم بضرورات التطبيع ، وهو تحليل يبدو أكثر منطقية من الطرح المتعارف عليه اليوم وهو أن الجزائريين استبقوا التطبيع من جانبهم"، حيث أن الفصل الرابع من الكتاب يتحدث عن "المسكوت عنه في الاتصالات الجزائرية الإسرائيلية. "
#########
العلاقات الجزائرية الإسرائيلية للكاتب الجزائري محمد تامالت