الشهادة لا تساوي بالضرورة الثقافة، لكن هل نستطيع التعميم؟ رد على مقال: "هل كل من يحمل شهادة دكتوراه مثقف؟"

 

قرأت باهتمام المقال الذي ناقش العلاقة بين الشهادات العليا والثقافة الحقيقية، والذي استند فيه الكاتب إلى طرح الدكتور محمد الربيعي لمفهوم "الأمية المقنعة". ولا شك أن هذا الطرح يلامس واقعا ملموسا في بعض الأوساط الأكاديمية والمهنية، حيث نجد من يحمل ألقابا علمية مرموقة، لكنه يفتقر إلى العمق الفكري، والقدرة على التحليل، والانفتاح على المعرفة خارج تخصصه الضيق.


فالفارق بين "المتعلم" و"المثقف" بات ضروريا أن يعاد التفكير فيه. إذ لا يمكن اختزال الثقافة في الشهادات، ولا اعتبار التعليم الرسمي مرادفا للوعي. وهذا ما يؤكده التاريخ، حيث برزت أسماء مثقفين ومبدعين لم يتخرجوا من الجامعات، ولكنهم ساهموا في تشكيل الفكر الإنساني.


مع ذلك، من المهم ألا نقع في فخ التعميم. فهناك العديد من الأكاديميين، من حملة الدكتوراه، يعدون من أعمدة الثقافة النقدية والفكر الحر، بل إنهم يجمعون بين التخصص العلمي العميق والقدرة على التفكير التأملي وممارسة الحوار مع المختلف. هؤلاء لا يمكن وضعهم في خانة "الأمية المقنعة"، لأنهم يمثلون النقيض تماما.


إن المعضلة الحقيقية لا تكمن في الشهادة، بل في المنظومة التي تنتج متعلمين بلا أفق فكري، سواء داخل الجامعة أو خارجها. وما نحتاجه فعلا هو إعادة بناء تصورنا حول التعليم، بحيث يصبح أداة لتحرير الفكر، لا لتكريس التلقين والانغلاق.


ختاما، علينا أن نعترف بأن الوعي والثقافة مسؤولية فردية، لا تأتي بالضرورة مع الألقاب، بل تبنى بالممارسة، والتأمل، والانفتاح على الآخر.


بقلم: المصطفى توفيق

طالب باحث في علم النفس الإكلينيكي والمرضي