خصص جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش حيزا كبيرا للعلاقات المغربية الجزائرية والمطالبة بفتح الحدود المغلقة بين البلدين الشقيقين ، حيث قال جلالته بالحرف الواحد:
"وإيمانا بهذا التوجه، فإننا نجدد الدعوة الصادقة لأشقائنا في الجزائر، للعمل سويا، دون شروط، من أجل بناء علاقات ثنائية، أساسها الثقة والحوار وحسن الجوار.
ذلك، لأن الوضع الحالي لهذه العلاقات لا يرضينا، وليس في مصلحة شعبينا، و غير مقبول من طرف العديد من الدول.
فقناعتي أن الحدود المفتوحة، هي الوضع الطبيعي بين بلدين جارين، و شعبين شقيقين.
لأن إغلاق الحدود يتنافى مع حق طبيعي، ومبدأ قانوني أصیل، تكرسه المواثيق الدولية، بما في ذلك معاهدة مراكش التأسيسية لاتحاد المغرب العربي، التي تنص على حرية تنقل الأشخاص، وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال بين دوله.
وقد عبرت عن ذلك صراحة، منذ 2008، و أكدت عليه عدة مرات، في مختلف المناسبات.
خاصة أنه لا فخامة الرئيس الجزائري الحالي، ولا حتى الرئيس السابق، ولا أنا، مسؤولين على قرار الإغلاق.
ولكننا مسؤولون سياسيا وأخلاقيا، على استمراره؛ أمام الله، وأمام التاريخ، وأمام مواطنينا.
وليس هناك أي منطق معقول، يمكن أن يفسر الوضع الحالي، لا سيما أن الأسباب التي كانت وراء إغلاق الحدود، أصبحت متجاوزة، ولم يعد لها اليوم، أي مبرر مقبول.
نحن لا نريد أن نعاتب أحدا، ولا نعطي الدروس لأحد؛ وإنما نحن إخوة فرق بيننا جسم دخیل، لا مكان له بيننا.
أما ما يقوله البعض، بأن فتح الحدود لن يجلب للجزائر، أو للمغرب، إلا الشر والمشاكل؛ فهذا غير صحيح. وهذا الخطاب لا يمكن أن يصدقه أحد، خاصة في عصر التواصل والتكنولوجيات الحديثة.
فالحدود المغلقة لا تقطع التواصل بين الشعبين، وإنما تساهم في إغلاق العقول، التي تتأثر بما تروج له بعض وسائل الإعلام، من أطروحات مغلوطة، بأن المغاربة يعانون من الفقر، ويعيشون على التهريب والمخدرات.
وبإمكان أي واحد أن يتأكد من عدم صحة هذه الادعاءات، لا سيما أن هناك جالية جزائرية تعيش في بلادنا، وهناك جزائريون من أوروبا، ومن داخل الجزائر، يزورون المغرب، ويعرفون حقيقة الأمور.
وأنا أؤكد هنا لأشقائنا في الجزائر، بأن الشر والمشاكل لن تأتيكم أبدا من المغرب، كما لن یأتیکم منه أي خطر أو تهديد؛ لأن ما يمسكم يمسنا، وما يصيبكم يضرنا.
لذلك، نعتبر أن أمن الجزائر واستقرارها، وطمأنينة شعبها، من أمن المغرب واستقراره.
والعكس صحيح، فما يمس المغرب سيؤثر أيضا على الجزائر؛ لأنهما كالجسد الواحد. ذلك أن المغرب والجزائر، يعانيان معا من مشاكل الهجرة والتهريب والمخدرات، والاتجار في البشر. فالعصابات التي تقوم بذلك هي عدونا الحقيقي والمشترك. وإذا عملنا سويا على محاربتها، سنتمكن من الحد من نشاطها، وتجفيف منابعها.
ومن جهة أخرى، نتأسف للتوترات الإعلامية والدبلوماسية، التي تعرفها العلاقات بين المغرب والجزائر، والتي تسيء لصورة البلدين، وتترك انطباعا سلبيا، لا سيما في المحافل الدولية.
لذا، ندعو إلى تغليب منطق الحكمة، والمصالح العليا، من أجل تجاوز هذا الوضع المؤسف، الذي يضيع طاقات بلدينا، ويتنافى مع روابط المحبة والإخاء بين شعبينا.
فالمغرب والجزائر أكثر من دولتين جارتين، إنهما توأمان متكاملان.
لذا، أدعو فخامة الرئيس الجزائري، للعمل سويا، في أقرب وقت يراه مناسبا، على تطوير العلاقات الأخوية، التي بناها شعبانا، عبر سنوات من الكفاح المشترك."
لم يستوعب النظام الجزائري أن المغرب دولة التعايش والسلم والسلام، وأن الحيز الكبير الذي خصصه جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش يعني طي صفحة الخلافات السياسية مع الجارة الجزائر، لكن النظام الجزائري لم يرحب بتزكية اليد الممدودة وكان رده سلبيا يتلخص في النقاط التالية:
1/ اندلاع الحرائق شمال الجزائر
اتهمت الجزائر في بيان المجلس الأعلى للأمن الجزائري المغرب بتهمة اندلاع الحرائق شمال الجارة الجزائر،حيث جاء في مقدمة البيان " ترأس السيد عبد المجيد تبون رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، اليوم الأربعاء 18 أوت 2021، اجتماعا استثنائيا للمجلس الأعلى للأمن، خصص لتقييم الوضع العام للبلاد عقب الأحداث الأليمة الأخيرة، والأعمال العدائية المتواصلة من طرف المغرب وحليفه الكيان الصهيوني ضدّ الجزائر"، والغريب في البيان أنه لا يتوفر على أي دليل ملموس و يفتقر إلى الحجج الدامغة، و لم يسبق لأي دولة في العالم أن اتهمت دولة أخرى باندلاع الحرائق مثل ما أقدم عليه النظام الجزائري ضد المغرب ، فكيف يمكن للمغرب أن يضرم النيران شمال الجزائر مع العلم أن جلالة الملك محمد السادس يؤكد في خطابه للاشقاء الجزائريين بأن الشر والمشاكل لن تأتيهم أبدا من المغرب، كما لن یأتیهم منه أي خطر أو تهديد؛ لأن ما يمسهم يمسنا، وما يصيبهم يضرنا.
2/ برقية تعزية موجهة إلى الرئيس الجزائري
بعد اندلاع الحرائق شمال الجزائر، وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس برقية تعزية إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يعزي من خلالها ضحايا الحريق المهول الذي حصد أرواح المواطنين الجزائريين و العسكريين على حد سواء، حيث قال جلالته بالحرف الواحد: "تلقيت ببالغ التأثر وعميق الأسى نبأ الحرائق المهولة التي اجتاحت غابات بعض الولايات شمال الجزائر الشقيقة، مخلفة العديد من الضحايا"، وأعرب جلالته للرئيس الجزائري عن "أحر التعازي وأصدق مشاعر المواساة، مؤكدا لكم، باسمي الخاص وباسم الشعب المغربي، تضامننا المطلق مع الجزائر الشقيقة في هذا الظرف العصيب".
فكان رد النظام العسكري الحاكم في الجزائر سلبيا تلخص في خبر عنونته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية التابعة لقصر المرادية ب”الجمهورية الصحراوية توجه نداء إلى المملكة المغربية لإنهاء الاحتلال”
3/استقلال منطقة القبايل
إن دعوة السفير المغربي في الأمم المتحدة، عمر هلال، جاءت بعد إعلان وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، دعم حق تقرير مصير سكان الصحراء المغربية، المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية منذ عام 1975، بحيث أن قضية الصحراء المغربية لم تكن مبرمجة في جدول أعمال إجتماع حركة عدم الانحياز، وكان تصريح عمر هلال في محله، وهو تعبير واضح عن ازدواجية الخطاب التي تتعامل بها الجزائر، فهي داعمة لجبهة البوليساريو، لكنها ترفض إبداء المغرب لموقفه الداعم لاستقلال منطقة القبايل".
4/ رفض النظام الجزائري للمساعدات المغربية بشأن الحرائق التي اندلعت شمال الجزائر
بتعليمات ملكية، تمت تعبئة طائرتين من طراز كنادير للمشاركة في عملية إخماد الحرائق التي اندلعت شمال الجزائر، حيث أنتظر المغرب الحصول على موافقة السلطات الجزائرية، لكن هذه الأخيرة لم تعر أي اهتمام بالمساعدات المغربية و فضلت اقتناء طائرات مخصصة بإخماد الحرائق من دول أجنبية بدل دولة جارة
5/ قطع العلاقات مع المملكة المغربية الشريفة
بتاريخ 24 أغسطس 2021 أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، و بهذه المناسبة قال وزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة أن قطع العلاقات لا يعني تضرر مواطني البلدين، مشيرا أن البعثات القنصلية ستواصل عملها كالمعتاد
6/ قرار قطع العلاقات غير مبرر تماما
وصفت الخارجية المغربية قرار النظام الجزائري قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بأنه "غير مبرر تماما"، وأنه متوقع بالنظر لما سمته منطق التصعيد المسجل خلال الفترة الأخيرة، حيث قالت وزارة الخارجية في بيانها إن المغرب يرفض رفضا قاطعا "الذرائع الواهية والسخيفة" وراء قطع الجزائر علاقاتها مع المملكة، وأضاف البيان أن المغرب سيظل شريكا صادقا ومخلصا للشعب الجزائري وسيواصل العمل بحكمة ومسؤولية من أجل تنمية علاقات مغاربية سليمة ومثمرة.
6/ العقلية المتخلفة للنظام الجزائري
هذه هي العقلية المتخلفة للنظام الجزائري الذي رد على جاره المغرب بما لم يكن متوقعا ، النظام الجزائري يرفض كل ما من شأنه أن يقوي العلاقات المغربية الجزائرية، فهذا ليس مشكل و لكنه إشكالية عميقة يمكن فهمها من خلال أحداث تاريخية بدأت في سبعينيات القرن الماضي ، ذلك أن التاريخ لا يمكنه أن يغير الجغرافيا ما دام المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها،
عندما أعلن المغفور له ملك المغرب الحسن الثاني عن الحدث التاريخي ، "المسيرة الخضراء" في 16 أكتوبر 1975 ، في نفس اليوم ، أصدرت محكمة العدل الدولية جوابا على الأسئلة التي وضعتها الجمعية العامة بشأن أرض الصحراء، هل كانت خلاء؟ وإذا كان الأمر غير ذلك، ما نوع الروابط التي كانت قائمة بين أهل الصحراء والمملكة المغربية؟ وكان جواب المحكمة أن أرض الصحراء لم تكن خلاء في العام 1884، وأن روابط كانت قائمة بين القبائل الصحراوية وسلاطين المغرب، وأن المغرب كان الدولة الوحيدة ذات كيان مؤسساتي في المنطقة، و بناء على ذلك أعلن الملك الحسن الثاني، عن تنظيم مسيرة خضراء سلمية لاستعادة المناطق الصحراوية في الجنوب وإنهاء الاستعمار الإسباني، مما يعني أن قضية الصحراء المغربية قد تمت تسويتها وإعادة إسترجاعها بشكل سلمي وشرعي و قانوني، وبعد أن أكد أن الصحراء تاريخيا أرض مغربية وجزء لا يتجزأ من التراب المغربي ، وهو ما تدل عليه أواصر الولاء بين سلاطين المغرب والقبائل الصحراوية ، اعتبر في هذا الصدد أن الصحراء مسألة مقدسة بالنسبة للمغاربة الذين لن يضيعوا حبة رمل واحدة من صحرائهم، واعتبر أن للمغرب الحق والشرعية ، وفي رغبته في الإغلاق النهائي لهذا الملف الذي استمر أكثر من أربعة عقود، حيث قدم مقترح " الحكم الذاتي" لحل واقعي وقابل للتطبيق ، بل هو الحل الوحيد القادر لوضع حد للنزاع المفتعل، مما يفتح آفاق مستقبل البلدان المغاربية.
و منذ ذلك الحين و النظام الجزائري يتآمر على وحدتنا الترابية، خصوصا بعدما تم تأسيس جبهة البوليساريو الانفصالية في 10 مايو 1973، التي لقيت دعما من نظام العقيد معمر القذافي الزعيم الليبي السابق، واحتضانا من الجزائر التي سمحت لها بإقامة مخيمات في ولاية تندوف جنوبا، و منذ ذلك الحين و النظام الجزائري يدعم جبهة البوليساريو الانفصالية عسكريا و اقتصاديا و سياسيا و اجتماعيا و يجند وسائل إعلامه الرسمية في عداء المغرب لكي يحقق حلما مستحيلا للاطلالة على المحيط الاطلنتي.
توفي
أحمد بن بلة 1963- 1965 .
هواري بومدين 1965- 1978 .
رابح بيطاط 1978 - 1979 (بعد وفاة هواري بومدين تم تعيينه رئيس دولة لضمان النيابة في رئاسة الجمهورية لمدة 45 يوما لتنظيم الانتخابات الرئاسية).
الشاذلي بن جديد 1979- 1992
محمد بوضياف: 1992
علي كافي 1992-1994.
اليامين زروال 1994-1999 .
عبد العزيز بوتفليقة 1999-2019
عبد القادر بن صالح ,ابريل 2019 .
ولا يزال المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها، و هذه هي الحقيقة التاريخية، التي لم يستوعبها الرئيس الجزائري الحالي عبد المجيد تبون و نظامه العسكري، عقلية متخلفة لا تتجاوب مع متطلبات العصر و التحولات الجيوسياسية في عالمنا المعاصر.
و في اعتقادي أن عقلية النظام الجزائري الذي لا يؤمن بالتحولات الجيوسياسية في المنطقة سيظل منغلقا على حاله إلى أن يأتي التغيير عاجلا أم آجلا، و لقد صدق المغفور له الحسن الثاني عندما قال: "ليعلم الناس مع من حشرنا الله في الجوار"
إن اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء وإزالة الخط الفاصل بين المغرب و أقاليمه الجنوبية على مواقع خرائط غوغل و انضمام ملاوي مؤخرا إلى قائمة الدول التي فتحت قنصليات لها بمدينة العيون المغربية، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 24 قنصلية ما بين مدينتي العيون والداخلة الواقعتين في الصحراء المغربية لخير دليل على أن الدبلوماسية المغربية قد نجحت في سياستها الخارجية التي تؤمن بالانفتاح و بالقوة الناعمة و بالسلم و السلام بين دول العالم